هل يصيب فيسبوك المراهقين بالاكتئاب؟!
صفحة 1 من اصل 1
هل يصيب فيسبوك المراهقين بالاكتئاب؟!
انطلق موقع التواصل الاجتماعي الأمريكي فيسبوك عام 2004 ليفتح صفحة جديدة في عالم التواصل عبر الإنترنت لما قدمه من أساليب فريدة في التعرف على الأصدقاء وتكوين علاقات اجتماعية لم يعهدها العالم من قبل. بحلول عام 2011، نجح الموقع في اجتذاب ما يزيد على 750 مليون مستخدم حول العالم، ورغم تناثر بعض الأقاويل عن فقد الموقع بريقه وجاذبيته لصالح غيره من المواقع التواصلية الجديدة، لا يزال الموقع يحتفظ بمكانة قد يمكن لغيره النيل منها إلا عبر سنوات.
مع كل الامتيازات التي صاحبت عمليات التواصل عبر الإنترنت، ظهرت بعض الجوانب السلبية التي آرقت الآباء والأمهات في الفترة الماضية خوفا من سيطرتها على الأبناء المراهقين من مرتادي شبكات التواصل، وعلى رأسها تبادل الرسائل والصور والمقاطع الجنسية الصارخة والسطو على بيانات الأشخاص لاستغلالها ضدهم إما للإحراج أو للابتزاز. ورغم ما يقدمه فيسبوك من فرص لتكوين صداقات ونقل الخبرات عن الآخرين وإيجاد منبر للتعبير عن الآراء الخاصة، تردد بعض الشائعات مؤخرا عن أن التواصل عبره يصيب المراهقين بحالات من الاكتئاب!
تشير دراسة حديثة لجمعية أمريكية متخصصة في أبحاث تأثيرات وسائل الإعلام الاجتماعية على المراهقين إلى أن هناك ظاهرة جديدة صاحبت ارتياد الإنترنت وقضاء ساعات طويلة من التواصل مع الآخرين، وهي الإصابة بالاكتئاب بجميع أعراضه المعهودة، الأمر الذي يثير العديد من التساؤلات، فكيف للتواصل بما يشمله من اختلاط بالآخرين وقضاء أوقات من المرح أن يصيب المراهق بالاكتئاب وينمي لديه فقدان الرغبة في التعامل مع الآخرين؟!
ما كشفت عنه الدراسة هو أن فيسبوك لا يمنح رؤية صحيحة للحياة البشرية العادية ولا يقدم الوسائل المثلى للترويح عن النفس، فالتعارف والاتصال غير المباشر لا يسفر عن علاقات طبيعية من شأنها الاستمرار. علاوة على ذلك، ما يشمله التواصل عبر الموقع من نشر للصور وتسجيل للمشاعر الشخصية يحمل قدرا كبيرا من الإغاظة للآخرين، فليس للجميع القدرة على التعبير عن مشاعر ولحظات مماثلة، كما أنها تجارب فردية يراها المراهق بعين المشاهد دون أن ينال حظا من المشاركة فيها. يجد المراهق نفسه وقتها وحيدا في عالم غريب لا يمكنه فك رموزه ومفرداته والتعرف على جوانبه، مما يدفعه إلى الانعزال والانزواء كي لا يفاقم من معاناته.
يمر المراهقون المصابون بالاكتئاب الناتج عن ارتياد مواقع الإنترنت بتجارب مؤلمة لا تقل عنها لدى المصابين بالاكتئاب لأسباب أخرى. ينقاد المراهقون إلى ارتياد المواقع المحظورة ورؤية الصور والمقاطع الجنسية، الأمر الذي قد يتطور إلى ممارسات جنسية غير سوية ومحاولات لإلحاق الأذى بالنفس.
تزداد المشكلة خطورة كلما ازداد عدد المراهقين من مرتادي مواقع التواصل وكلما ازدادوا حرصا على قضاء ساعات طويلة أمام تلك المواقع، حيث تشير إحصائيات حديثة إلى أن 22 بالمائة من المراهقين يدخلون على مواقعهم الاجتماعية المفضلة أكثر من عشر مرات في اليوم الواحد، بينما يحرص معظم المراهقين على زيارة مواقع التواصل ولو لمرة واحدة خلال اليوم. علاوة على ذلك، يمتلك 75 بالمائة من المراهقين جوالات ذكية يستخدمونها إما في تصفح مواقع تواصلية أو للدردشة أو لتبادل الرسائل النصية، مما أغرى بعض الباحثين إلى الإقرار بأن الإنترنت يتحكم في التطور النفسي والسلوكي لدى المراهقين.
لا جدال في أن مواقع التواصل تنمي في الفرد مهارات التواصل وتعزز من وسائل التعبير عن الذات، كما تساعد المراهقين في التعرف على فرص للمشاركة في أعمال تطوعية تدعم مواقفهم الاجتماعية، إلا أن لفقدان المراهق في معظم الأحيان القدرة على السيطرة على الذات مما يوقعهم في صدامات مع الآخرين، ولا شك أن هشاشتهم وقلة تجاربهم في الحياة تجرهم للمزيد من المعاناة النفسية.
قد تكون من القسوة أن نحمل موقعا للتواصل الاجتماعي السبب في مرور المراهقين بتجارب نفسية مؤلمة، فلا شك أن غياب روح التضامن الاجتماعي والسلوكيات الإنسانية الحضارية له الدور الأكبر في أية خلل سلوكي.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى